[center]بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المقصــــــــــــــــر
استعـــــــد
قــــــل للمفــــــرط يستعــــــــد ما مـــــن ورود المـــــــوت بــدُّ
قد أخلــــــــق الدهـــــــر الشبــ ــاب وما مضـــــى لا يســـــتردُّ
أو ما يخــــاف أخــــو المعـــــا صـــي مـــــن له البطــش الأشدُّ
يومــــــاً يعـــــــاين موقفــــــــاً فيــــــه خطـــــــــوب لا تحـــــدُ
فــــــإلام يشتغـــــــل الفتـــــــى فـي لهـــــوه والأمــــــر جـــــــدُّ
أبـداً مواعــــــــــيد الزمـــــــان لأهـــــــــله تعــــــب وكــــــــــدٌّ
يــا مـــــــن يؤمـــــــل أن يقيـــ ــم به وحــادي المـــوت يحـــدو
وتــــــــروح داعيــــــــة المنـــ ـــون على مؤملـــــها وتغــــــدو
يخـــــتال في ثــــوب النعيـــــــ ــم ودونــه قــــــــــبر ولحـــــــدٌ
والعمر يقصـــر كــــــل يــــوم ثم فـــــــي الآمـــــــــال مــــــــدُّ
كل ابن أدم خطاء وخير الخطاءين التوابون، فأنت خطاء، وصاحب هفوات وفلتات، فكم مره زل بها لسانك، فاغتبت فلان، أو شتمته،
وكم امتدت يدك على فلان بغير حق،
وكم نظرت عينيك إلى ما يغضب الله،
وكم ......، وكم .....، وكم ....
لذلك أوجب الله تعالى على عباده التوبة
فقال تعالى: { وَتُوبُواْ إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [سورة النور:31]
وقال تعالى:{ يَآأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً } [سورة التحريم:8]
فالتوبة واجبة من كل ذنب، والله تعالى يحب التوابين ويفرح بتوبة العبد إليه فرحاً عظيماً وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فرح الله بتوبة العبد في الحديث الذي رواه أبو حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاه ) وفي رواية مسلم: ( لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاه، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها، قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك ) أخطاء من شدة الفرح.
الله أكبر ما أعظم هذا الفرح، والله إنه لفرح عظيم، ولا يمكن لأحد أن يتصوره، هل تصورنا هذا الفرح؟؟؟؟؟ فلنعلم أن فرح الله بتوبة عبده أكثر وأعظم من فرح هذا الرجل بالحياة بعد الموت.
وفي الحديث الذي رواه الإمام مسلم، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها )
لذلك كان نبينا صلوات ربي وسلامه عليه كثير التوبة والاستغفار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: ( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) [رواه البخاري]
بالتوبة إلى الله نحصل على ثلاث فوائد عظيمه وهي:
الفائدة الأولى: امتثال أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وفي امتثال أمرهما كل الخير والسعادة في الدنيا والآخرة.
الفائدة الثانية: الإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان يتوب إلى الله في اليوم مائة مرة، وفي الإقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم تؤتي محبة الله، يقول الله تعالى: { قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ } [سورة آل عمران:31].
الفائدة الثالثة: غفران الذنوب وتكفير السيئات واستبدالها بالحسنات.
وبعد أن علمنا فضل التوبة،
وعلمنا أن الله يحب التوابين،
وعلمنا أن نبينا وهو أفضل الناس، وأتقاهم وأخشاهم لله، ومع هذا كان كثير التوبة والاستغفار،
فما هو حال المقصر المفرط ؟؟؟؟؟!!!!!
أما آن له أن يتوب
وللتوبة شروط، ولا تقبل التوبة إلا إذا استوفت هذه الشروط، فإذا كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاث شروط:
الشرط الأول: أن تقلع عن المعصية فوراً.
الشرط الثاني: أن تندم على فعلها.
الشرط الثالث: أن تعزم ألا تعود إليها أبداً.
وإن كانت المعصية تتعلق بحق آدمي فتزيد شرطاً رابعاً وهو:
الشرط الرابع: أن يبرأ من حق صاحبها إن استطاع، فإن كانت مالاً أو نحوه رده إليه وإن كانت غيبه استحلها منه، وإن لم يستطع أكثر من الدعاء له والتصدق عنه.
فالبدار البدار إلى التوبة
فما يدرينا متى تأتي المنية؟
ومتى تحين الوفاة؟
فهــــــــــــــــــــــــــــــــــــل
هل تذكرنا هادم اللذات، ومفرق الجماعات، ومشتت البنين والبنات؟!
هل تذكرنا يوماً نكون فيه من أهل القبور؟!
هل تذكرنا مفارقة الأهل والجيران، والأموال والأصحاب والأوطان؟!
هل تذكرنا ضيق القبور وظلمتها؟!
هل تذكرنا وحشتها وكربتها؟!
هل تذكرنا عذاب القبر وألوانه؟!
هل تذكرنا حيّاته وعقاربه وديدانه؟!
هل تذكرنا الشجاع الأقرع وعظم شأنه؟!
هل تذكرنا ضرب الفاجر بمرزبة من حديد مع الإهانة؟!
هل تذكرنا سؤال الملكين منكر ونكير؟!
هل تذكرنا أنوفق للصواب من الجواب، أم يقال لك: لا دريت ولا تليت؟!
هل تذكرنا نعيم القبر وروحه وريحانه؟!
فلنعد للسؤال جواباً، وللجواب صواباً، وللصواب إخلاصاً......
كان عون بن عبد الله يقول في بكائه وذكر خطيئته:
ويح نفسي! بأي شيء لم أعص ربي؟
ويحي! إنما عصيته بنعمته عندي.
ويحي! من خطيئة ذهبت شهوتها، وبقيت تبعتها عندي.
ويحي! كيف أنسى الموت ولا ينساني؟
ويحي! إن حُجبت يوم القيامة عن ربي.
ويحي! كيف أغفل ولا يُغفل عني؟
أم كيف ! تُهنئُني معيشتي واليوم الثقيل ورائي؟
أم كيف! لا تطول حسرتي ولا أدري ما يُفعل بي؟
أم كيف! أجمع بها وفي غيرها قراري؟
أم كيف! تعظم فيها رغبتي والقليل منها يكفيني؟
أم كيف! أوثرها وقد أضرت بمن آثرها قبلي؟
أم كيف! لا أبادر بعملي قبل أن يُغلق باب توبتي؟
أم كيف! يشتد إعجابي بما يزول وينقطع عني؟
فعلينا أن لا نسوف في التوبة ونتكل على العفو والمغفرة..
فالموت لا يعرف شيخاً ولا شابا،ً
ولا رجلاً ولا امرأة،
ولا غنياً ولا فقيراً،
ولا أميراً ولا وزيراً.
أيقضنا الله وإياكم من هذه الرقدة، وذكرنا بالتوبة، وألهمنا شكره على النعم وحمده، أنه كريم لا يرد عبده...
السبت يونيو 21, 2008 5:21 pm